أعزاءي القراء:
أنا أتيت إليكم لأريكم أربعة نقوش في
تدهور البشرية
أُنجزت هذه النقوش الأربعة عام ١٥٥٠ على يد الفنان الهولندي، ونقّاش النحاس، والشاعر، والسياسي ديرك فولكرتش كورنهيرت (١٥١٩-١٥٩٠). حوالي عام ١٥٤١، بدأ العمل مع الرسام الهولندي الشهير مارتن فان هيمسكيرك، الذي ابتكر وأبدع رسومات هذه السلسلة.
بعد ما قلنا، نوضح أن النقش الأول بعنوان ”العالم يتخلص من العدالة“. بالنسبة لنا، نحن الغنوصيين، مفاهيم العدالة والتوازن والانسجام مرتبطة ببعضها البعض. علينا أن نؤكد أنه عندما ينسى الإنسان نفسه ويقع ضحية للإنتروبيا، فإن جميع قيم المجتمع تبدأ في التزعزع، مما يؤدي إلى فوضى الجماهير، وكذلك فوضى الأفراد. دعونا نتذكر أن المجتمع ليس سوى امتداد للفرد…
لا شك أننا عندما نتخلى عن تقدير الأخلاق والآداب واحترام قيم الضمير، وما إلى ذلك، فإننا نبتعد عن الوصايا الإلهية، وعندها نرغب في تحقيق العدالة بأنفسنا. وهذا أمرٌ في غاية الخطورة.
وهذا هو السبب في أننا نرى إلهة العدل تسقط من على الحصان، حاملة في يدها اليسرى سيف العدالة، وفي يدها اليمنى الميزان الذي يبدو غير متوازن، في إشارة إلى الفوضى التي تعم البشرية.

العالم يتخلص من العدالة – ديرك فولكرتس كورنهيرت (1519-1590) – النقش الأول
من خلال مواصلة مراقبة نقوشنا، يمكننا أن نرى المعرفة الحمقاء والحب الأحمق يحاولان تقييد العالم.
التوضيح: الحب الأحمق والمعرفة الحمقاء هما ما بقي لإنسانيتنا نتيجة التخلي عن قيم الكينونة.
الناس لا يعرفون ما هو الحب ولا يعرفون كيف يحبون. كرة الأرض تقع على ظهر حصان جامح لتشير إلينا أن المعرفة والحب، اللذان يكتنفهما الغباء، هما أمران لا يمكن فهمهما.
الأطفال عند قدمي المرأة انعكاسٌ لحيرة النفوس البشرية، وهي تحاول الاختباء بين ثياب المرأة في نقشنا. يمكننا القول إن العقل بلا حبٍّ لا يُنتج إلا الأوغاد، والحب بلا ضمير لا يقودنا إلى أي مكان…

النقش الثاني
تم تسمية النقش الثالث بالعالم الذي يجر المعرفة الحمقاء والحب الأحمق.
التفسير: عندما لا يكون للعالم، وللجماهير الاجتماعية، دليل واعٍ يوجهها ويسيطر عليها، فإن المعرفة الحمقاء والحب الأحمق ينجرفان في جنون العالم. في أيامنا هذه، فقدنا كل توجيه وكل سيطرة، ولهذا السبب فإن العالم ودنيويته هما اللذان يجرفان الحب الزائف والمعرفة الزائفة. في هذه الحالة، نقول إن الجنس البشري قد فقد طريقه وأن القيم الجوهرية تجرفها الفوضى. لا أحد يراقب أحداً، لا أحد يهتم بقيم الكينونة، قيم الروح، ولا يسود سوى الارتباك.

العالم يجر المعرفة الحمقاء والحب الأحمق
اللوحة الثالثة
وأخيرا، في النقش الرابع: العالم يهلك مع المعرفة الحمقاء والحب الأحمق.
توضيح: في هذا النقش الأخير، نلاحظ بوضوح الحب اللاواعيٌ والمعرفة الحمقاء -المُعَقَّلة التي لم تنبع من أعماق الوعي- كلاهما يغرقان في الفراغ والفوضى. هكذا تنتهي البشرية التي تحاول البقاء دون قيم الروح -أي الكينونة-. كل شيء يكتنفه الاضطراب والتنافر، ويصبح هذا بذرةً فاشلة. هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم في جميع أنحاء عالمنا.

النقش الرابع
اسمحوا لي الآن أن أقدم لكم بعض العبارات المناسبة التي تستحق التأمل:
«ثمر الصالح هو شجرة حياة، ومن يربط النفوس هو حكيم».
مثل توراتي
«أن تكون طيباً أمر سهل، أما أن تكون عادلاً فهذا أمر صعب».
فيكتور هوجو
«الصالح ذو السمعة الطيبة له ميراث واسع».
مثل إسباني
”من يتفاخر بمعرفته فهو كالأعمى في وضح النهار“.
فرانكلين
“إذا عانيتَ من الظلم، فليكن ذلك عزاءً لك، لأن الشقاء الحقيقي هو ارتكابه.”
فيثاغورس
.QUOD SCRIPSI, SCRIPSI
─”ما كتبته هو مكتوب“─.
KWEN KHAN KHU